menu_open Columnists
We use cookies to provide some features and experiences in QOSHE

More information  .  Close

انحرافات العام 1979 ولعنة سيطرة الفكر الآحادي

9 17
yesterday

سقطت بيروت التي كانت رمزاً للتنوّع والحرية تحت أثقال حروب أنجبت جماعات ترفع شعار المقاومة حيناً وتستتر بالطائفة واحتكار التدين أحياناً، فيما جوهرها فكر أحادي لعقل مسطح خرج يوماً ليخرج الطوائف من سياقها القيمي يقصي به الآخر ويصادر الأزقة و... الوطن. باسم «القضية» اغتيل القادة بعد تشويه الفكر، غُيّبت العقول وهُجّرت الطاقات. ليتحوّل بعدها تنوّع لبنان من رصيد القوة إلى لعنة وأُطفئت أنوار تفاعل التعايش الإيجابي لتحكمه ظلمات الرعب والابتزاز.

لم يكن العام 1979 فصلاً عابراً من تاريخ المنطقة بل كان البركان الذي بعثر كل موازينها. فمن دمشق إلى طهران ومن بغداد إلى كابول ارتسمت خريطة جديدة، أغلقت أبواب الإصلاح، وفتحت بوابات الدم أدخلت الشرق في نفقٍ طويل انتقل فيه من إشعاع المدنية المنورة بما حمله من انفتاح وتراكم وتنوير إلى هيمنة الفكر الآحادي المُجتزأ عن مشهديته الكاملة، فالظلامي رافض لكل مختلف. ومنذ ذلك التاريخ تعيش شعوب المنطقة تحت لعنة هذا الانحراف الكبير.

قبل 1979 كانت مدن المشرق الكبرى بيروت، دمشق، بغداد، القاهرة وحتى طهران مختبرات حقيقية للتعددية المعاديّة للعنصرية وعلى رأسها تلك المحتلة لفلسطين. كانت الجامعات والمقاهي والصحف ودور المسرح والسينما ساحات للتفاعل بين التيارات يساريون وليبراليون، قوميون وإسلاميون، مسيحيون ومسلمون ويهود. كان هناك صراع تفاعلي أو حتى تناقض ضمن إطار مجتمع متكامل يتّسع للاختلاف و... يستثمر فيه.

مثّلت تلك المرحلة امتداداً لحلم النهضة والصراع الحضاري، بناء دولة وطنية تحاول الجمع بين التنمية والتعليم والانفتاح مع كل ما رافقها من نواقص........

© اللواء